جرت العادة أن يتم الإعلان رسميًا عن موسم الحج وأسماء الوكالات المعتمدة للتفويج قبل موعده بأربعة أشهر إلى خمسة أشهر، وقتها يتم الإعداد الكامل لكل المراحل التي تلي مرحلة التسجيل، وتسمح الفرصة لمعالجة أي خطأ معلوماتي أو فني، وتعد الخطط العامة للمعالجة الرقمية لبيانات الحجاج والتوريد والتفويج والتسكين والتصعيد.
عصفت جائحة كورونا بكل القطاعات الحكومية والخاصة، وأصابت العالم كله بالشلل التام؛ أدى ذلك إلى إيقاف حركة النقل الجوية والبرية والبحرية والحد من استقبال حجاج الخارج لموسمين متتاليين ١٤٤١هـ-١٤٤٢هـ، وسمحت الجهات المنظمة للحج بالمملكة العربية السعودية لألف شخص فقط من الداخل بأداء الفريضة في الموسم قبل الماضي، قبل أن يتم رفع العدد الموسم الماضي إلى ٦٠ ألفاً مُحصَّنين بالكامل وتم اختيارهم عبر القرعة.
في الثامن من شهر رمضان المبارك للعام الحالي ١٤٤٣هـ، أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية عزمها إقامة موسم حج هذا العام، وذلك بعد التعافي التدريجي من فيروس كورونا، وبقدرة استيعابية حُددت بمليون حاج مع الالتزام التام بالضوابط والمعايير الصحية وتضمنت الشروط بأن يكون للفئة العمرية أقل من 65 عامًا ميلاديًا، مع اشتراط استكمال التحصين بالجرعات الأساسية بلقاحات كوفيد-19 المعتمدة في منظمة الصحة العالمية وتقديم نتيجة فحص سلبي PCR لفيروس كورونا (كوفيد-19) لعينة أخذت خلال 72 ساعة قبل موعد المغادرة إلى المملكة.
في ٢٩ رمضان أُخطِرت وزارة الأوقاف والإرشاد بحصة اليمن المحددة ١٠٩٨١ حاجًا، ليبدأ معها الإعلان الرسمي عن تدشين موسم الحج لهذا العام ١٤٤٣ هجرية، في اجتماعٍ عقده وكيل قطاع الحج والعمرة الدكتور مختار الرباش مع قيادات القطاع الخاص المفوجة للحجاج دعا خلاله الوكالات الراغبة في تفويج الحجاج إلى تقديم ملفاتها وتراخيصها لقطاع الحج والعمرة وفق الشروط والضوابط المنظمة لذلك، ليتم الإعلان عنها بعد مرور أسبوعين فُحِصت خلالهما كل الملفات المقدمة بواسطة لجنة متخصصة ومشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص.
تحت ضغط ضيق الوقت واقتراب موعد دخول الحجاج، قطع معالي وزير الأوقاف والإرشاد الشيخ محمد بن عيضة شبيبة زياراته الميدانية في المحافظات، وعقد اجتماعه الأول بعد الإعلان في مكتب شؤون حجاج اليمن بمكة المكرمة بحضور وكيل القطاع والوكلاء المساعدين ومدراء العموم وممثلي القطاع الخاص؛ بهدف إشراك الجميع في رسم الملامح العامة لخطة موسم حج ١٤٤٣هـ، كلُ في اختصاصه ومكانه وحدود مهامه، فالشراكة في صناعة النجاح مبدأ جسده وزير الأوقاف والإرشاد في إدارته لكل القطاعات، ويأتي إقراره لتشكيل اللجنة العليا للحج من كل الوزارات المعنية واتحاد الوكالات تأكيدًا لهذه القيمة التي وضعت خطة الموسم محل التنفيذ المباشر.
استنفرت اللجنة العليا للحج كل طاقاتها على مختلف القطاعات الصحية والأمنية والنقل والوكالات المفوجة في عموم محافظات الجمهورية، لتنجز خلال ساعات المرحلة الأولى من الخطة وهي تسجيل الراغبين بالحج وفحص طلباتهم ورفعها إلى مركز المعلومات الذي أدير باحترافية عالية.
عكف الوزير شبيبة ومعه وكيل الوزارة لقطاع الحج والعمرة الدكتور مختار الرباش في مكتبيهما على مدار الساعة يشرفان على غرف العمليات المنسقة بين كل الجهات المنظمة لأعمال الحج، وعلى اتصال دائم ومباشر مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية لمعالجة أي إشكالية طارئة قد تعيق أو تعرقل عملية النجاح، فكان التجاوب السريع والبناء لكل الملاحظات التي طرحت تسهيلًا وتيسيرًا لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
كلما اقترب موعد التفويج الأول المحدد بتاريخ ٢١ ذي القعدة، زادت وتيرة عمل الإدارات المختصة، وعلت همة فِرق العمل المتفانية، في حركة دؤوبة ونشطة وبيئة كخلية نحل يسودها التعاون والتنسيق.
بدأت الوكالات المعتمدة بالمرحلة الثانية وهي استئجار المساكن في مكة المكرمة وكانت الوزارة حاضرة بدورها الإشرافي والرقابي، حيث تم استئجار أبراج مصنفة بثلاثة نجوم وخمسة نجوم، واستبعدت أخرى لعدم تطابقها مع المعايير، الأمر ذاته تم في استئجار مساكن الحجاج بالمدينة المنورة، إذ كانت الوزارة ممثلة بمعالي وزير الأوقاف والإرشاد الشيخ محمد بن عيضة شبيبة حاضرة أيضًا في الفحص والتدقيق، فتم استئجار فنادق مطلة على الحرم النبوي الشريف.
جرى انتقاء وكالات الحج المعتمدة للمساكن المتميزة في المدينة المنورة بإشراف مباشر من معالي وزير الأوقاف والإرشاد الشيخ محمد بن عيضة شبيبة الذي عاد من المدينة المنورة بعدها برفقة وكيل قطاع الحج والعمرة الدكتور مختار الرباش ليشرفا بنفسيهما على عملية استئجار باصات الحجاج لتفويج الحجاج من اليمن إلى الأراضي المقدسة، حيث تم اعتماد الشركات المتميزة وفق أعلى مواصفات الأمن والسلامة وبموديلات حديثة لاتقل عن ٢٠٢٠ يتوفر فيها كل الوسائط الإعلامية.
انطلقت الباصات إلى كل محافظات الجمهورية استعدادًا لعملية التفويج، بدورها نسقت الخطوط الجوية اليمنية جداول رحلاتها للحجاج للمرة الأولى بعد ثلاث سنوات من التوقف، كل ذلك في إطار التنسيق وغرف العمليات بين كل القطاعات تحت إشراف معالي وزير الأوقاف والإرشاد الشيخ محمد بن عيضة شبيبة.
في وقت لاحق وبعد انتهاء عملية التسجيل، تم إشعار البعثة اليمنية بحصولها على حصة إضافية بعدد ٢٠٠٠ تأشيرة حج. طلب الوزير شبيبة ممثلي القطاع الخاص وعقد اجتماع باللجنة العليا للحج ووضعهم أمام التطورات الجديدة، وأخبرهم في سابقة غير معهودة على الوزارة أن هذه الحصة هي حصة الحجاج اليمنيين في كل المحافظات وأن الوكالات المعتمدة للتفويج هي المخولة بالتسجيل وأعاد توزيع الحصة على الوكالات المعتمدة والوكالات المتظلمة مؤكدًا أن عهد احتكار التأشيرات ولى ولا رجعة له!
هناك في وسط الصحراء وتحت درجة حرارة تفوق ٤٨م وفي منفذ الوديعة البري يرابط وكيل وزارة الأوقاف الدكتور عبد الناصر الخطري بعد أن نجح في إدارة لجنة التسكين. حزم أمتعته مع لجنة النقل إلى منفذ الوديعة لتنسيق التعاون المشترك مع الجهات المختصة في المنفذ الحدودي، وتفاديًا لحالات الزحام وترتيب جداول وصول الباصات فكانت ثمرة ذلك الانسيابية في عبور الحجاج بسلسة ويسر، واختفاء صور التكدس والزحام التي شوهدت خلال الأعوام الماضية.
على المستوى المحلي والتطوعي رسم شباب حضرموت أنبل صور الإخاء والمحبة والإيثار حيث نُصبت خيام الضيافة وزودت بكل الاحتياجات اللوجستية بدعم ورعاية معالي وزير الأوقاف والإرشاد وحضور الوكيل الخطري.
وفي ظرف أربعة أسابيع من الإعلان يصل فوج حجاج بلادنا الأول جوًا إلى الأراضي المقدسة، حيث كان في استقبالهم بالورود والرياحين وزير الأوقاف والإرشاد الشيخ محمد بن عيضة شبيبة ووكيل قطاع الحج والعمرة الدكتور مختار الرباش وممثلو القطاع الخاص، لتصل بقية الأفواج بعدها بساعات إلى نُزلها بالأبراج المخصصة لها في رحاب العاصمة المقدسة مكة المكرمة.
بعد اكتمال وصول الحجاج تشكلت اللجان الميدانية العاملة في خدمة ضيوف الرحمن للموسم ١٤٤٣هـ، وبدأت نزولها الميداني عقب لقائها بالوزير الذي وضعها أمام المحددات والمهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، موضحًا لهم أن معيار التميز هو الإخلاص والاجتهاد في العمل وأن المكافأة ستكون نصيب من أتقن، والمحاسبة نصيب من أخفق.
لم يكتفِ الوزير شبيبة والوكيل الرباش بدور اللجان الميدانية، بل كانا مشرفان ومتابعان، وحاضران مع الحجاج لتلمس احتياجاتهم وتلبية متطلباتهم.
في ليلة يوم التروية سبق الوزير شبيبة ومعه قيادة قطاع الحج والعمرة صعود الحجاج إلى منى، وأشرف على الخدمات المعدة لحجاج بلادنا من إعاشة، إمداد لوجستي وسعة الخيام والتأكد من جودة الخدمات، ليصعد الحجاج إلى خيامهم في أجواء إيمانية مفعمة بالطمأنينة والسكينة.
وفي مشعر صعيد عرفات الطاهر كانت اللجان الميدانية قد وصلت مبكرًا والمطابخ تصنع الإعاشة للحجاج وموظفو الخدمات يعملون على قدمٍ وساق لخدمة حجاج بلادنا في مخيمات حديثة وجديدة مقاومة للحرائق ولأول مرة تقدم للبعثة اليمنية، هناك لهجت ألسن الحجاج بالدعاء لمن يقوم على هذه الخدمات.
نفر الحجاج اليمنيون مع بقية ضيوف الرحمن من عرفات إلى مزدلفة ثم منى ثم الحرم وجهود الوزارة مستنفرة في مرافقتهم ومتابعتهم ومعالجة مشاكلهم.
يقضي حجاج بلادنا ماتبقى من ساعات في مشعر منى لرمي الجمرات في أيام التشريق وسط زيارات ميدانية لمعالي وزير الأوقاف والإرشاد الشيخ محمد بن عيضة شبيبة لتفقد أحوالهم ومتابعة جودة مايقدم لهم من خدمات.
هذه هي حكاية وقصة النجاح التي شوهدت عبر أكثر من عشر قنوات تلفزيونية وعشرين إذاعة محلية وعشرات المواقع الإلكترونية بالإضافة إلى صفحات الوزارة في مواقع التواصل الاجتماعي.
نجاحٌ تم _بفضل الله _ ثم بفضل كل الفرق العاملة في خدمة ضيوف الرحمن منذ أول لحظة يقدم فيها الحاج وثائقه للتسجيل في الوكالة المعتمدة حتى آخر لحظة يصل فيها الحاج إلى مدينته أو قريته.
نجاحٌ على قدر التحدي والمسؤولية أدار دفته وزير محب ومخلص لوطنه، محافظ لمقدرات وممتلكات وزارته، ثم لوكيل قطاع الحج والعمرة المرابط في دوامه وعمله حتى ساعات الصباح الأولى، ثم للوكلاء والوكلاء المساعدين ومدراء العموم وموظفي القطاع الحكومي.
نجاحٌ ساهم في رسم ملامحه شركاء القطاع الخاص من أصحاب الوكالات المعتمدة للتفويج والمتفانية في خدمة ضيوف الرحمن عبر مسؤوليها ومشرفيها المباشرين الذين تحملوا عناء السفر ورافقوا الحجيج من كل محافظات الجمهورية فرسموا أجمل صورة للموسم.
*من صفحة الكاتب على “فيس بوك”.