تكتسب جولة رئيس مجلس القيادة الرئاسي وبعض أعضاء المجلس أهميتها من كونها تسهم في تثبيت شرعية المجلس كممثل للجمهورية اليمنية، إضافة إلى حشد الدعم الدولي للمجلس بما يعزز موقفه الوطني ضد الميليشيا الحوثية، ويعزز تماسكه الداخلي لتقديم واقع جديد في المحافظات المحررة في الخدمات والاقتصاد والجوانب الأمنية.
هذه الزيارات التي ابتدأت بدولة الكويت ثم البحرين ومصر وانتهت بقطر وسبقت قبل أكثر من شهر أول زيارة خارجية للمجلس إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لها أثرها الكبير على مستقبل المعركة الوطنية ضد المليشيا الحوثية ذراع إيران في اليمن وتسهم هذه الزيارات في تفعيل الدبلوماسية اليمنية بعد أعوام من الركود والأهم أن يذهب رئيس المجلس لزيارة دول أجنبية لها اهتمام بالملف اليمني وتأثير كبير لدى المجتمع الدولي لاسيما الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
أمام مجلس القيادة الرئاسي تحديات كبيرة، ويُنتظر منه إنجازات ملموسة، أقلها تحسين خدمات الكهرباء والصحة والأمن، وتثبيت أسعار الصرف وإيقاف انهيار العملة، وخفض أسعار المواد الغذائية، وانتظام صرف الرواتب في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة. وكل ما أشرت إليه بمقدور المجلس والحكومة إنجازه عن طريق إصلاح الاختلالات الإدارية، وتوحيد الإيرادات إلى البنك المركزي، والتعامل بحزم مع أصحاب المصالح والنفوذ أي كانت علاقاتهم الداخلية والخارجية.
المجلس الانتقالي الجنوبي يسجل حتى اليوم موقفًا وطنيًّا بتجميد مطالبه ومشروعه الانفصالي، مقدماً الأولوية للمعركة الوطنية ضد الميليشيا الحوثية؛ باعتبارها الخطر الذي يهدد الجميع، وهو موقف يقدره الجميع لاسيما أبناء المحافظات الشمالية، وسيكون له أثر مستقبلاً على قناعات كثير من القيادات المتشددة في تعاملها مع الانتقالي.
ويجب أن يدرك المجلس الانتقالي –وأثق أنه يدرك- أن مشاركته في مجلس القيادة الرئاسي لإدارة المرحلة الانتقالية لا تكفيها الشعارات والمواقف المعلنة، بل تتطلب التزامات وتنازلات في مختلف المجالات بما فيها إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية والعسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع والداخلية ليتحمل مجلس القيادة الرئاسي المسؤولية أمام الشعب والمجتمع الإقليمي والدولي، لا أن يستمر الوضع كما هو عليه اليوم باعتبار مجلس القيادة في ضيافة المجلس الانتقالي.
المرحلة تتطلب الصراحة والوضوح والجرأة في اتخاذ القرار بعيداً عن المساومة ومحاولة صناعة التوازنات التي تخل بالهدف الأساسي لإنشاء مجلس القيادة الرئاسي الذي يتلخص في “إنهاء معاناة اليمنيين سلماً أو حرباً”، ولكي لا يتكرر السيناريو الذي أخفق فيه الرئيس هادي في عام 2014م عند سيطرة الميليشيا الحوثية على محافظة عمران عندما حاول صناعة ما كان يتصورها “توازنات” واعتبر زيارته إلى عمران انتصارًا، وقال عبارته الشهيرة “عمران عادت إلى حضن الدولة”.
إن من أهم وأعظم الانتصارات الانتصار على الخلافات؛ لكونه يعدُّ مقدمة وأرضية أساسية لتحقيق انتصارات كبرى، وما حدث من توافق وتلاحم في الشهور الماضية بين القيادات اليمنية شمالاً وجنوباً كان حلم ومطلب جميع المخلصين من أبناء الوطن، واستمرار هذا التوافق والانسجام وتقديم المصالح الوطنية العليا على المصالح الخاصة كفيل باستعادة صنعاء وهزيمة مشروع إيران في اليمن، وبعدها ليحدد أبناء المحافظات الجنوبية مصيرهم بأي الخيارات المطروحة، سواء بالانفصال، أم بالدولة الاتحادية من إقليمين أو أربعة أو ستة أقاليم أو حتى الوحدة الاندماجية.
يدرك مجلس القيادة الرئاسي أن الساحة السياسية والعسكرية ليست مجهزه حالياً لتحقيق أي سلام مع الميليشيا الحوثية باعتبار الحوثية جماعة غير مستعدة لذلك، ما دامت تسيطر على مدينة الحديدة، وقواتها بالقرب من مدينة مأرب، وهذا يوجب عليه أن يكون مستعداً لخوض المعركة الوطنية ضد الميليشيا الحوثية باعتبارها خيارًا إجباريًّا إذا أراد إنهاء الحرب وتحقيق السلام العادل والشامل والمستدام.
*من صفحة الكاتب على “فيسبوك”.