الفرصة الأخيرة لرفع حصار تعز

محمد المقرمي

0 666

اليوم وبعد سبع سنوات عجاف عينُ العالم على تعز وضميره الإنساني في اختبار أخير أمام حصار الحوثيين الجائر، وفي انتظار مبادرة واحدة من الحوثيين ليثبتوا رغبتهم في السلام بعد أن قدم التحالف والشرعية كل المبادرات الإنسانية خلال فترة الهدنة مثبتين لكل اليمنيين والعالم رغبتهم الحقيقية في تحقيق السلام وإنهاء معاناة المدنييين التي تسببت بها المليشيات بحربها في كل المحافظات.. ولا يزال الحوثي متعنتًا.

انهار الاقتصاد وحلت أسوأ أزمة إنسانية في العالم على اليمنيين الذين يملكون أغنى الثروات عجزوا عن الاستفادة منها بسبب الحرب التي طال أمدها نظرًا لتدخلات المجتمع الدولي الذي اعترض الحسم وامتنع عن إحلال السلام بمصداقية.

اليوم.. العالم كله وضميره الإنساني أمام امتحان أخير بعد سبع سنوات عجاف تعرّض في خضمّ أحداثها المؤلمة أبناء تعز لكل جرائم الحرب بالأسلحة المحرمة دوليًا والحصار الجائر فقدّموا (١٠٠٠٠) عشرة آلاف شهيد وضعفيه من الجرحى وتوفي أكثر من ٢٠٠٠٠ ألف مدني من المرضى لم يتمكنوا من العلاج بسبب الحصار ووقفت تعز صامدةّ وحررت عددًا من المديريات بتضحيات وشموخ وصمود أسطوري أمام أكثر من ١٣ لواء عسكري استقدمهم الحوثيون، وجحافل بمليشيات عنصرية حاقدة قدِمتْ من الكهوف وأمطرت المدنيين بقذائف المدافع والصواريخ وفخخت الأرض بالألغام التي زرعتها، ورصاص القناصة التي لم ترحم حتى الأطفال والنساء. وعانى مدنيوّها حصارًا جائرًا منهم لم تشهده مدينة على مر التاريخ ومُنع عن أهلها حتى الماء والدواء انتقامًا منها لمواقفها الوطنية ويقينًا بأهميتها الاستراتيجية وخشية من مقاومتها العسكرية والفكرية والثقافية لكل مشاريع الظلام وفي مقدمتهم الفكر الإيراني الدخيل على المجتمع اليمني.. والذي قاومته تعز بكل شجاعة مع كل الوطنيين في المحافظات المحررة.

مؤخرًا.. ومن أجل المدنييين دعا مجلس التعاون الخليجي إلى مشاورات يمنية يمنية لإنهاء الحرب وإحلال السلام تقديرًا للوضع الإنساني الكارثي الذي يمر به اليمنيون.. فرفض الحوثي المشاركة.. فتشكل مجلس قيادة حكيم لتحقيق السلام.. ثم جسّد التحالف بالهدنة وإيقاف الطيران والعمليات العسكرية لتثبيت الهدنة ورافقه مبادرة الشرعية التي أوقفت عملياتها في كل المحافظات.. عزز التحالف رغبته بإحلال السلام بمبادرة إنسانية أطلق فيها ١٦٤ أسير حوثي.

قدمت الشرعية مبادرة فتح مطار صنعاء وعلى الرغم من رفض الحوثي لاستخراج جوازات من الحكومة الشرعية إلا أن الشرعية قبلت بسفر المدنيين بجوازات صادرة من صنعاء تقديرًا منها للمدنيين والمرضى في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين. سمح التحالف والشرعية بتدفق سفن النفط عبر ميناء الحديدة بالأرقام التي وُضعت في شروط الهدنة مع أن ضرائبها ستذهب للحوثيين لكنها ستعالج الكثير من أزمة المشتقات النفطية لدى المدنيين في مناطق سيطرتهم ليؤكدا رغبتهم الحقيقية في تحقيق السلام.

قدمت الشرعية والتحالف العديد من المبادرات وهم الطرف الأقوى ليثبتوا لليمنين والعالم أجمع رغبتهم بتحقيق السلام ولم يقدم الحوثي مبادرة واحدة تثبت جديته. فُتح ملف تبادل الأسرى وكانت الشرعية تسعى لإطلاق سراح كل الأسرى مع أن أسرى الحوثيين مجندين وأسرى الشرعية مدنيين ولكن تلكأت المليشيات.

انتهت كل الدوافع والملفات الإنسانية التي تحججت بها المليشيات أمام الجتمع الدولي وبقي حصار تعز وفي انتظار صدق الحوثيين من كذبهم في رغبتهم بالسلام وأمام العالم.

عين العالم تركزت اليوم على تعز ببركة صمودهم وصبرهم ومسيراتهم المستمرة وما يواكبه من جهود كل القنوات والصحف المحلية والعربية والدولية وكل ناشطي وإعلامييّ العالم الذين يحركهم ضميرهم الإنساني.
فإما وبادر الحوثيون بفتح كل الطرقات الرئيسية ورفع الحصار كليًا لتنتهي معاناة المدنيين في كل أرجاء تعز ويكون هذا العمل بوابة ومفتاح السلام في اليمن بعد فتح المعابر، وإلا تحدثت المعابر التي تُخضع كل متمرد.

أطبق الحوثيون وحلفاؤهم الحصار على تعز لمعرفتهم بأهمية هذه المحافظة المركزية التي تمثّل روح اليمن وقلبه النابض في كل المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية.

سعت المقاومة إلى كسر الحصار بكل الوسائل فواجهت حقول ألغام وقناصة وألوية عسكرية جاءت إلى أطرافها من كل حدب وصوب.

يعي الحوثي جيدًا أن تحرر تعز من الحصار يعني تحرر اليمن ولكنّا وإلى اللحظة لا نعرف تفسيرًا لتجاهل الحكومات المتتالية في الشرعية لتعز التي خُذلت طيلة مراحل السنوات السبع.

تحركات شعبية مستمرة وحملات في كل وسائل التواصل الاجتماعي وبكل لغات العالم يواكبها جهود إعلامية مكثفة حتى تصدّرت تعز اهتمام العالم ولا يزال اهتمام الشرعية دون المستوى.

حصار تعز جريمة ضد الإنسانية تجرّمها كل القوانين وفي كل مرة تذهب الحكومة الشرعية للمفاوضات وتجعل تعز هامشية مع أن الشرعية الطرف الأقوى وتحظى بتأييد دولي لا مثيل له.. وتعدنا وفودها في كل مرة بعد مساعي حثيثة أن تشترط للمفاوضات قبل كل حديث رفع الحصار الجائر على المدنيين في تعز.. ثم تعود الوفود محملة باتفاقيات تذهب لصالح الحوثيين.. فما الذي قدمته مشاورات الكويت..؟! ثم ما الفائدة التي عادت بها الشرعية من استوكهولم سوى توقف تحرير الحديدة ولدوافع إنسانية راضخة للمجتمع الدولي والأمم المتحدة التي لا ترى ولا تقدر حجم الكوارث الإنسانية في تعز وكأنه تأثر بضعف مفاوضي الشرعية وتجاهلهم تعز.

تم تنفيذ كل بنود استوكهولم المتعلقة بمكاسب الحوثيين واستُثنيت تعز مع أن تشكيل لجان فتح الممرات الإنسانية في تعز كان بندًا من بنود الاتفاق.. وغفرت تعز هذا التجاهل، وظلت مليشيا الحوثي بأدواتها تنوح في أروقة المجتمع الدولي لتقدم مظلوميتها وسفراءنا ووزراء خارجيتنا منشغلين بصراعاتهم الداخلية بعيدًا عن القضية اليمنية. كنت أراقب الفعاليات والمؤتمرات الدولية وألمح حديث ممثلي التحالف عن حصار تعز الجائر وكأنها قضيتهم الأولى بينما ينبري ممثلو الشرعية للحديث عنها وعلى خجل.

تشكّل مؤخرًا مجلس القيادة والذي حصر مهامه في تحقيق السلام ولا ندري لم لم يشترط فك الحصار عن تعز مقابل فتح مطار صنعاء أو دخول الكم الهائل من السفن عبر ميناء الحديدة كشروط للهدنة التي سعى المجتمع الدولي لتثبيتها.. وكأن مآل السلطات التنفيذية إلى قيادات تعز وضعهم في حرج فقدموا المبادرات في فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة دون شرط أو قيد.. وذهب الحوثي يحاور لفتح حصار تعز بفريق من قيادات الصف الأول ليبحث عن مكاسب أخرى ابتداءًا بتجديد الهدنة وانتهاء بالبحث عن طرق ملتوية وفرعية بأوقات يحددها للمرور مع أن الفائدة من فتح الحصار ستكون لللمدنيين في تعز بكل مديرياتها سواء المناطق المحررة أو الواقعة تحت سلطة الحوثيين وكذا كل المحافظات المجاورة.

خمسة أيام تفصلنا عن انتهاء الهدنة ولا بشائر تلوح في الأفق وقد شهد العالم كله حجم معاناة تعز وصعوبة طريق الموت في هيجة العبد.

نثق كثيرًا بحكمة قيادتنا الرشيدة في مجلس القيادة لكن آمالنا وعودة الثقة وانتهاء عصر الخذلان بحاجة إلى جهود عملية وتحركات دبلوماسية مكثفة على المستوى العربي والدولي والأممي لرفع الحصار كليًا وفتح كل الطرق الرئيسية التي تربط تعز بالحوبان.. شريانها الاقتصادي، والأخريات التي تربط تعز بعدن شريانها التجاري لتنتهي كوراث طريق الموت في هيجة العبد وكذا طريق تعز بالحديدة والمخا شريانها البحري.

هذه الفرصة الأخيرة لتكون تعز بوابة السلام إن أردتم السلام الحقيقي، وإياكم والقبول بما لا يحقق رفع الحصار الكلي وعودة شرايين تعز الاقتصادية والتجارية والبحرية. فالتاريخ لا يرحم، ولن نغفر لكم التهاون، فأنتم بحاجة إلى أن تعود الروح لتعز قبل كل شيء.

من صفحة الكاتب على “فيس بوك”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.